اشار نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الى أن "ما من شك ان الازمات التي يعيشها مجتمعنا كثيرة ومتنوعة، بعضها يشكل أخطر مظاهر الضعف لديه، ان لم يعمل على معالجتها فتحت ابوابا لولوج الشر إليه، أولها تآكله الذاتي لافتقاده المناعة اللازمة، تماما كمن أصيب بمرض ان لم يبادر لأخذ العلاج تفاقم الداء وأصبح الشفاء منه أكثر صعوبة كلما تأخر اكثر. فقد تبقى أمة ولكن قد تتخلى عن الوظيفة الاساسية التي كانت لأجلها كما هو شأن امتنا اليوم، فقد وجدت لتكون شاهدة على الأمم بنص الكتاب العزيز ثم تخلت عن هذا الهدف".
ولفت الى ان "على الصعد الديموغرافية السياسية تأثرا بالتحولات الدولية والفكرية والدعوة الى الديمقراطية والنزوع الى الانفصال عقب اثارة النزعات القومية والاثنية والوطنية، واضعاف الشعور بالانتماء الرسالي والانتماء للأمة والجماعة بسبب ظهور الدولة الحديثة والانبهار بالنموذج الغربي بسبب العقم الفكري لدى النخبة، الذي انتج تخلفا حضاريا شاملا وتبعية عمياء لكل ما دعا اليه الغرب دون تبصر وانتقاء".
واعتبر ان "الغرب عمل بخبث ودهاء حيث فرق بين امرين: بين الاسلام كتكاليف فردية، وبين الاسلام كمشروع أمة حضاري ينظم حياة المسلمين ويحمل رسالة للعالم، فاستطاع ايهام المسلمين بدعوته الى حرية الممارسة والاعتقاد الديني بعدم تعارضه مع الإسلام، طالما انه يمنح المسلمين هذه الحرية، فتحول الاسلام لدى المسلمين الى مجرد طقوس لا اثر لها على الصعيد الفعلي والحضاري وجعله المسلمين على هامش الحياة، وبذلك اخرج الاسلام عن دائرة التأثير العالمي".
وقال "في حين ظن المسلمون، وخصوصا النخبة الممسكة بمقاليد الأمور، ان ذلك سيخرجهم من واقع التخلف الذي يعيشونه الى مصاف الامم الأخرى، فوجدوا انفسهم قد وقعوا في شراك التبعية الذي نصب لهم دون ان يكون لديهم القدرة على التراجع بعد ان ارتبط بقاؤهم في السلطة بهذه التبعية، وبعد ان أُفلت الزمام من ايديهم ومكّنوا الغرب من الامساك بمقاليد التأثير الثقافي والعلمي والتربوي ،فتمزق شملهم واصبح الهمّ لدى كل منهم حفظ وجوده ومصالحه وموقعه في السلطة ودوره، والتي اصبحت جوائز ترضية يمن بها الغرب الممسك بالقرار على الاكثر طواعية وتلبية لأهدافه ومخططاته ومصالحه في الفكر والثقافة وبرامج التعليم التي يستطيع من خلالها احكام الطوق عليها، فهي لا تستطيع ان ترى الا من خلال المنظار الذي صنعه لها، والا فالانظمة التي اوكلها المهمة حاضرة عبر الملاحقة والاتهام والقتل والاعدام والسجون والزنازين، ثم زرع لها في قلبها العدو الصهيوني ليكون العصا الغليظة، يجلد بها ظهر كل من يفكر في فك هذه الاغلال عن عنقه من الافراد والجماعات المتنورة التي لم تتأثر بالدعاية او تنبهت الى الخديعة التي جر الغرب اليها هذه الامة، بعد ان شغل نخبها بجدل فكري فارغ بين اليسار واليمين، فألهاها لوقت ليس بالقليل عن حقيقة ما تعاني منه".
واضاف "خرجت المقاومة من بين الركام في لبنان لتحقق المستحيل باخراج العدو الاسرائيلي من لبنان، وتعلن عن تحرير معظم اراضيه في الخامس والعشرين من ايار عام الفين ميلادية، كأول انتصار عربي واسلامي أجبر العدو على الانسحاب من جنوب لبنان دون قيد او شرط ، ما عزز الشعور بالقوة، فانطلقت بعدها المقاومة الفلسطينية بقوة في حروب متتالية انجزت على اثرها اخراج العدو من غزة، ثم تتالت انجازات المقاومة فأُفشل العدوان الاسرائيلي على لبنان في عام الفين وستة وما ترتب عليه من اخراج الاسرى بمن فيهم المحكومون بالمؤبد، ولم تقتصر على الاسرى اللبنانيين ، ما اشعل الجماهير العربية والاسلامية وبعث الخوف في دوائر القرار الغربي الذي حاول ان يطمس هذا الانجاز بخلق فتنة داخل الامة، كحلقة من حلقات المواجهة مع هذا العدو الخبيث الذي حقق للاسف في هذه الفترة انجازا تكتيكيا في هذه المواجهة، كانت له ندوب عميقة في جسد الامة، سرعان ما بدا التعافي منه بالملحمة البطولية التي سطرها ابطال غزة في معركة طوفان الاقصى ليصدق عليها قول الله تعالى ( كلما اشعلوا نارا للحرب اطفأها الله ) وسطر فيها ابطال المقاومة في لبنان اعظم الاسناد وقدموا اعظم التضحيات حتى اذا فشل العدو رغم تضافر الكفر فيها على النيل منها فما استطاعوا، فأرادوا الذهاب لتجربة حظهم مع النبع الاصيل مع الجمهورية الاسلامية الايرانية علهم يجدون طوق نجاة، ولكنهم عادوا مخزيين بالتدمير الذي اصاب مركز البغي وما حسبوه قلعتهم الحصينة في الكريوت وحيفا وتل ابيب".